رغم أن الكثيرون ما زالوا يكتبون عن ظاهرة التحرش الجنسى فى مصر وكيف أن مصر أصبحت لها سمعة عالمية فى هذا المجال ألأولى بلا فخر وبعد صدور أول حكم بالسجن فى قضية تحرش وجدت أنى أريد أن أكتب فى هذا الموضوع الشائك والمؤلم ليس فقط لسمعة مصر بل لى كامرأة وفخورة أننى امرأة.رغم المضايقات اليومية التى تحدث، إلا أن هناك يوم حفر فى ذاكرتى. يقفز المشهد بتفاصيله المؤلمة كلما سمعت أو قرأت كلمة تحرش وكأنه حدث بالأمس. كان يوم 7 ابريل 2005 و كنت أعمل فى وكالة الأنباء الأمريكية وقتها وكان عندى الفترة المسائية من 4 الى منتصف الليل عندما بدأت تتوارد أخبار عن وقوع انفجار فى الأزهر.عندما وصلتُ إلى مكان الانفجار وجدت مئات من رجال الأمن المركزى يطوقون مكان الحادث كما كان هناك مئات من الصبية فى سن المراهقة لا تتجاوز أعمارهم ال 18 عاما. ظننت أن الفضول جمعهم لرؤية الحادث ولكن اتضح أن ما جمع اغلبهم أنها كانت فرصة لا تعوض للتحرش بالنساء القليلات الموجودات فى المنطقة واغلبهن كانوا صحفيات. لا أعرف إن كان يجب أن أذكر أننى كنت ارتدى ملابس محتشمة وأننى أعمل فى الصحافة قبل أن يولد هؤلاء الصبية. ورغم ذلك فقد انتابهم الجنون وبدأ يتجلى فيهم هوسا جنسيا: صدر عنهم تصرفات مقززة للغاية وكان هذا على مرأى و مسمع جنود الأمن المركزى الذى أقتنص بعضهم الفرصة وتحرشوا بالمرة. كان الأمن المركزى أمامى والمتحرشون خلفى. لا أدرى كم أستمر هدا الوضع قبل أن يغمى على وسطهم. كل ما أذكره هو أننى بدأت أشعر كما لو كنت قد سقطت فى دوامة فى عرض البحر وأن قواى خارت ولم أعد قادرة على الطفو أو الجرى وأنني اصرخ ولكن لا أحد يسمعنى وأننى أغرق وسوف أدهس تحت الأقدام. لا أدرى كم أستمر ذلك قبل أن يلقى على ماء بارد وأشعر بيد تنتشلنى من تحت الأقدام وتغطينى ب 'تى شيرت' بعد أن تمزق قميصى فى وطأة المعركة (أشعر بالغثيان كلما تذكرت أن صحفى أو مخبر أمنى فى صحيفة قومية كتب أن الصحفيات والمتظاهرات هن اللواتى مزقن ملابسهن وليس البلطجية الذين تم تحريضهم ليتحرشوا بهن يوم الاستفتاء المشئوم (25 مايو 2005).عرفت بعد ذلك أن من انقدني اسمه باسل ويعمل مرشدا سياحيا. أثنى باسل على 'رجولتى' كثيرا و كيف أننى قاومت حتى أغمى على و أنٌقدنى هو. هل يجب على كل امرأة أن تخرج ومعها باسل ليحميها!! ؟؟ولكن فى تحرشات العيد من سنتين كان العديد من الضحايا- وأغلبهن محجبات وبعضهن منقبات- يسرن فى وسط البلد مع أزواجهن وأقاربهن الرجال الذين لم يستطيعوا حمايتهم. لقد قلبت تحرشات هذا العيد فى المهندسين المواجع. وعلى عكس حالة الإنكار لواقعة وسط البلد من سنتين واتهام من وضع الفيديو المصور للأحداث على الإنترنت بتشويه سمعة مصر, تم الإعلان عن الحادثة الأخيرة فى الصفحات الأولى فى الجرائد القومية كما تم إرسال بعضهم للمحاكمة وصولا بالحكم ثلاث سنوات على السائق الذى تحرش بمخرجة. لمادا هذا الكم الهائل الدفين والمعلن أحيانا من احتقار المرأة الذى أثبتت هده الوقائع والدراسات أن حجابها لا يكفى لحمايتها من الإهانة. التحرش سيبقى طالما المرأة (كما يدعون) خطيئة تمشى على قدمين يجب أن تلزم بيتها لتتجنب التحرش ولا مانع أن تشعر بالضعف و بالعار لأن الله خلقها امرأة.
ناديا أبو المجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق